في مكان عملي ومنذ ما يقرب من سنتين طلبت من أحد العمال أن يزرع نبته (بوتاس) في أصيص وتعهدت برعاياتها وسقيها حتى اليوم........كانت صغيرة فكبرت.....وظلت تنمو حتى شهر أغسطس الماضي2007 كفرع واحد ثم أخذت إجازة طوال شهر أغسطس وأوصيت أحد الزملاء بأن يقوم بريها نيابة عني......بعد عودتي من الإجازة فوجئت بأحد البراعم الجانبية قد نمت ونبت منها فرع جديد .....فرحت ثم تعجبت...لماذا نبت هذا الفرع الجانبي؟ ولماذا من هذا البرعم بالذات؟....مرت الأيام وحدث شيء منحني الإجابة عن سؤالي......حدث مني خطأ غير مقصود تسبب في قطع النبتة لثلاث أجزاء متفرقة.....أصابني رعب شديد وحزن وهلع ......أخذت ألملم في أجزاء النبتة وأنا أنظر إليها كأني قتلتها وإحساس بالذنب يملأ نفسي....كنت أردد:(لا تموتي......أرجوك لا تموتي).......ثم أكتشفت شيئا منحني بعض الأمل بعد أن هدأت......الجزأ الذي مازال في التربة محتفظا بجذوره والذي قطع منه طرفه النامي وأصبح عاجزا عن التمدد والنمو....هذا الجزأ هو الذي يضم البرعم الجانبي النامي والذي كان سليما لم يصب بأذى.....نظرت إلى ذلك البرعم والدهشة في نفسي تملئها ....تعلمت الدرس الأول من هذه النبتة العزيزة(هناك طرق بديلة تتخذها الحياة كي تستمر وحتى لا يموت الأمل ...فإذا قطعت الظروف الطريق الرئيسي ومنعت إستمرار الحياة من خلاله.....فمازالت هناك طرق بديلة من الممكن أن تنمو وتتمدد وتحافظ على الحياة وخاصة مادامت الجذور سليمة ومازالت موصولة بتربتها وهذا يمنح فرصة سهلة لا تحتاج لبذل جهد كبير من أجل العودة لطريق الحياة مرة أخرى)
الجزئين الآخرين أحدهما كان عبارة عن الطرف النامي وهو ورقتين أحدهما تحمل في جيبها ورقة نامية لم تخرج بعد من غشاءها الذي يحيط بها.....والآخر هو الجزء الذي كان في الوسط ما بين الطرف النامي وباقي النبتة الذي مازال في التربة.
قمت بحفر مكانين في الأصيص وزرعتهما من جديد وسقيتهما طوال تلك الفترة وعندي أمل أن تدب الحياة فيهما من جديد......
لكن شاء الله أن يموت الجزء المتوسط ولم تنجح إعادة زراعته...ذبلت أوراقه ورقة بعد ورقة ولم تفلح أحد البراعم الجانبية في النمو وشق طريق جديد للحياة كما سبق وأن حدث من قبل....
أما الطرف النامي الذي مازالت فيه ورقة بداخل غشاءها لم تظهر بعد للنور فقد ظل من ذلك الوقت وحتى أسبوع ماضي كما هو.....لم تمت الورقتين....ظلتا على لونهما الأخضر.....ولكن الورقة لم تخرج من غشاءها.....لم أيأس.....ظللت أسقيها وتركتها للأيام.....يوم السبت قبل الماضي وأنا أسقيها فوجئت بما هز قلبي من الفرح والنشوة وسعادة لم أعرف مثلها إلا نادرا......فوجئت بالورقة الوليدة تشق غشاءها وتخرج للحياة بعد إنتظار دام ستة أشهر كاملة ....كانت صغيرة جدا كالطفل الوليد....ناديت كل زملائي ليشاهدوا هذا المشهد الرائع...
(كما رسمت الحياة لنفسها طريقا جديدا معتمدة على جذورها الراسخة ...طريقا لم يحتاج لوقت ولا جهد .....فهي أيضا تبني جذورا جديدة لطرف وليد لتسنده وتدعمه وتساعده على الخروج للحياة قويا نضرا .... ولكن هذه المرة الموضوع يحتاج لصبر ووقت ومجهود لتبني الجذور الجديدة وتثبت نفسها وحتى تتمكن الوليدة الجديدة من الإنطلاق).......
فهمت عندها لما مات الجزء المتوسط( لم تكن له جذور راسخة تسنده...لم يكن له طرق بديلة تمنحه الأمل......لم يحمل أساسا الأمل في داخله ...الأمل الذي ساعد على بذل الجهد والصبر حتى يخرج من غلافه وليدا نضرا يتفتح ويتمدد بالحياة ).....
مازالت نبتتي العزيزة تنمو ......وأنا مازلت أسقيها وأرعاها وأرقبها لأتعلم.....
وصدق من قال "يوضع سره في أضعف خلقه"........
الثلاثاء، ١٨ مارس ٢٠٠٨
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 comments:
إرسال تعليق