السبت، ٨ نوفمبر ٢٠٠٨

على هامش(الباب المفتوح)

فيلم من أفلام الأبيض وأسود......من أفلام الزمن الجميل....بطولة فاتن حمامة(ليلي) وصالح سليم(حسين)وشاركهما محمود الحديني ومحمود مرسي وحسن يوسف وشويكار وآخرون...
قصة حب هو هذا الفيلم كما رأته روحي ولمسته...ولكنه قصة حب من نوع خاص...قصة حب تتعمق في معان راقية تسمو بعيدا عن كل ما هو مادي وأناني واستحواذي وتعبدي...قصة تتنفس الحرية جنبا إلى جنب مع الإحتواء...أن تكون صديقا لمن تحب ...تتفهمه وتدرك أبعاده الخاصة الفكرية والشعورية...تدرك أحلامه وكوابيسه...أفراحه وتعاسته...قوته وضعفه...ولكن لا يكون هدفك أن تستخدم كل ذلك لتملكه أو لتطوعه فيصبح أسير عالمك أنت.....بل يكون هدفك أن تساعد نفسك لتكون منارة ضياء تنير له الظلام إذا حل وجذع نخلة يستند إليه إذا تعب وحصن أمين يحتمي به إذا هاجمه الخوف....
هذا الفيلم هو قصة حب تحطم القيود التي تقتل الحياة بداخلنا وتقطع الخيوط التي تحركنا كعرائس الماريونت على خشبة مسرح صغير قصير ضيق مظلم...قصة حب تنير ظلام الروح وتخلق بداخلها الأمل وتقتل فيها اليأس وتزرع فيها الثقة وتحذف من قاموسها الخوف والتردد والإستسلام...
هذا هو الفيلم...باب مفتوح على الحياة.......قصة حب تفتح القلب على الحياة....قصة أتمنى لو كنت بطلتها ...
ورغم أن الفيلم كان يدور في قالب رمزي بقصته وأبطاله ويلقى بظلاله على الأحوال الإجتماعية والأخلاقية والقيمية والسياسية في فترة من تاريخ مصر أمتدت من عهد الملك فاروق ووصلت للثورة وما تلاها من أحداث وأنتهى على العدوان الثلاثي والمقاومة الشعبية ...رغم هذا فأنا لا أرى فيه إلا قصة الحب الخاصة تلك التي تأثرت بكل الأحداث...الوهم والخيانة والضياع والإستسلام ثم المقاومة والنهوض ....هذا الفيلم ثري جدا وعميق جدا وحساس جدا ورائع جدا ....لقد أحببت صالح سليم كما أحبته فاتن حمامة وعشت مع شخصيتها في الفيلم(ليلي) كأنها أنا...وإذا سألني أحد سؤالا عن أكثر الأفلام التي تعبر عن إحساسي سأقول لهم...الباب المفتوح...

الأربعاء، ٢٩ أكتوبر ٢٠٠٨

على هامش"في شقة مصر الجديدة"

فيلم لوسام سليمان نصا ومحمد خان إخراجا ....وكما كان فيلمها " أحلى الأوقات " رحلة بحث ، فكذلك هذا الفيلم أيضا.. وإن أختلف موضوع البحث...فهنا نبحث جميعا عن شيء واحد طوال الفيلم...نشترك مع البطلة في هذا البحث وتلك المغامرة التي بدأتها من أول تتر البداية وحتى وصلنا لتتر النهاية...كلنا نبحث معها عن أبلة "تهاني"....كلنا نبحث معها عن الحب. والحب وأبلة"تهاني" هما وجهان لعملة واحدة إن لم يكونا نفس الوجه...بل إني أزعم أن أبلة"تهاني" كانت مجرد رمز وأن تلك الكاتبة الموهوبة وسام سليمان قد لعبت اللعبة بحنكة تأليفية خيالية رومانسية رشيقة جدا عندما أستخدمت تهاني كرمز للحب في الحياة ...هي الحب الذي دخل خياله قلب الصغيرة "نجوى" منذ المرحلة الثانوية وعاشت عمرها تحلم به وتتمنى أن تصادفه وتحياه وتتنفسه...ولكن كل المجتمع من حولها قمع بداخلها تلك المشاعر الخضراء النقية البرية فعاشت تحلم بها وتتخيل مع نفسها...عاشت على أصداء أغنية "أنا قلبي دليلي" ومرت بها الأيام وكبرت وأصبحت في الثامنة والعشرين وهي مازالت تنتظر حلم الحب ليتحقق...كانت طوال تلك الفترة تراسل الحب المرموز له بأبلة تهاني وتبعث له برسائلها عله يجيب ثم انتهزت فرصة سفرها لعاصمة لتبحث عنه....أو تبحث عن أبلة تهاني...كانت مخلصة في بحثها ولم تترك أي محاولة أو جهد...كانت وحيدة ولكنها كانت تؤمن بما تبحث عنه وتثق أنه حي لم يمت...عندما علمت بإختفاء أبلة تهاني وأخبرها ذلك الشاب الذي يسكن بشقتها أنها ربما تكون ماتت رفضت الفكرة وأصرت أن أبلة تهاني تحيا....وكأنه كان يخبرها أن الحب قد مات ولم يعد له وجود في هذه الحياة – فهو لا يصدق في الحب ولا يعرف غير العلاقات العابرة – وكأنها تصمم على يقينها بأن الحب مازل موجودا ويجب أن نبحث عنه حتى نجده....طبعا لم يصدقها ولكن مثابرتهاوإصرارها وإيمانها جعله يحاول أن يساعدها بعد ذلك في بحثها....وأثناء ذلك البحث المشترك وجد كل منهما ضالته.....نجوى وجدت ذلك الإحساس الذي كانت تبحث عنه مع ذلك الشاب وهو وجد تلك الصورة الرقيقة النقية للحب الصادق متجسدا في تلك الفتاة التي برغم سنوات عمرها الثمانية والعشرين إلا أنها مازال بداخلها طفلة ومازالت برغم وجودها في هذا العالم المشوه محتفظة بذاتها وروحها بمنأى عن التشويه.... وبعد....فقد قذف كيوبيد بالسهام في القلوب وعند ذلك فقط ظهرت أبلة تهاني من جديد...بعثت للحياة بعد طول غياب وقد بعثت بخطاب تعلن فيه أنها مازالت على قيد الحياة وقد وجدت الحب أخيرا بعد طول إنتظار.... رحلة نجوى ...أو رحلة البحث عن الحب في عالم أختفى منه الإيمان بتلك المشاعر وأختفى منها القدرة على تصديقها والتعايش بها ومعايشتها....هذا هو فيلم "في شقة مصر الجديدة".
If you love and miss that person,then,love can come again when you meet again…just like playing hide and seek…no matter where it hides or even if you can’t see it, it must be waiting at some place for me. Amide the countless chaos…just like the sincere prayers of love, the people in love will surly meet again. FROM THE KORIAN SERIAS “Spring Waltz”

غراب قابيل...وزقزقة العصافير

دخلت اليوم معملا غير معملي...هذا المعمل له شرفة بسور عريض وزميلتي التي تعمل به قد ملئت ذلك السور بأصص الزرع والصبارات ...وقد تعودت إذا تبقى منها طعام أن تضعه على الشرفة ليأتي الغراب ويأكل منه....منذ عملت بهذا المكان وكلما دخلت معملها صباحا ،أرى الغراب واقفا على شجرة قريبة ينظر للشرفة وكأنه منتظرا أن تضع له زميلتي الطعام كما تعود كل يوم...كانت تضع له ما يتبقى منها من سندوتشات الخبز شامي بالجبن ويبدو أنه قد تعود عليه فإذا غيرت له نوع الخبز أو وضعت له شيئا آخر كان يرفض أكله ويبقى الطعام كما هو لا يمس...كنت أراه في بعض الأحيان يقف على السور ويظل يزعق بصوته المميز إذا تأخرت عليه ولم تضع له الطعام صباحا كما تعود.... تعودت أنا أيضا على وجود هذا الغراب وقد كنت أكره الغربان بسبب شكلها وصوتها وبسبب ما يقال عنها من أنها نذير شؤم.. ولكني أحببت هذا الغراب وأصبحت متعاطفه معه ووجدت فيه كائنا لطيفا مستأنسا يألف للبشر فألفته... وأنا صغيرة كانت جدتي و أمي يحكيان لي حكاية الغراب والجبنة القريش...وهي تتلخص في فلاحة كانت تسير وهي تحمل على رأسها سلة مملوءه بالجبن القريش فرأها الغراب وكان جائعا فطار وخطف منها قطعة ووقف على غصن شجرة قريبة ليأكلها فرءاه الثعلب وكان مكارا وقرر أن يحصل منه على قطعة الجبن...فأخذ يمدح في الغراب ...في شكله ومشيته وشخصيته ثم مدح صوته وقال له أن صوته أحلى من صوت العصافير والبلابل وطلب منه أن يطربه ويغني له قليلا بصوته العذب الجميل . صدق الغراب المديح وقام بفتح منقاره يغني فوقعت قطعة الجبن منه وأخذها الثعلب سريعا وجرى بها وهو يضحك من الغراب الأحمق.... وهناك أيضا قصة لا أتذكر ممن سمعتها ولا أتذكر تفاصيلها بالضبط وذلك عندما مر الغراب في الغابة فرأى كل الطيور والحيوانات تسير بطريقتها الخاصة المميزة لها وكان غير راض عن مشيته – والتي كانت بالمناسبة مشية طبيعية لا حجل فيها وقتها، أي وقت الحدوتة – ثم قرر أن يقلد غيره من الطيور والحيوانات في مشيتها حتى يختار المشية التي تعجبه فكانت النتيجة أنه لم يستطع أن يمشي مثل الآخرين وأيضا نسى كيف كان يمشي من قبل فأصبحت مشيته متعثرة ومن يومها وهو يحجل في المشي.. ولا أنسى قصة قابيل وهابيل في القرآن في سورة لمائدة عندما بعث الله لقابيل غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري جثمان أخيه هابيل... يبدو أن الغراب يحتل الكثير من عالم القصص والحكي وهو بطل على الرغم من شكله وصوته المنفران ولا أدري من أين جاءت مسألة أنه شؤم...لا أتذكر الآن شيئا عن هذه المسألة.. المهم لم أكمل ماذا حدث عندما دخلت اليوم معمل زميلتي...كان الظهر قد أذن وكنت جالسة أحسب بعض الحسابات المتعلقة بالعمل ثم سمعت صوت زقزقة جميل...نظرت ناحية الشباك فوجدت بضعة عصافير جميلة ربما تسعة منهم يقفون على السور ويطيرون حول الزرع ويقفون عليه وتخطف مناقيرهم بعضا من الطعام الموضوع على السور وظلوا على هذه الحال وأنا أراقبهم وكانت المسافة بيني وبينهم صغيرة جدا ربما نصف المتر ودخل أحدهم من الشباك وطار قليلا في المعمل ثم خرج وحمل آخر قطعة كبيرة من الخبز بمنقاره وطار....هنا وفجأة وجدت العصافير كلها طارت مزعورة دفعة واحدة ولم أفهم سبب ذلك في البداية فقد كان المعمل خاليا ولم أفعل أي شيء يجعلهم يفزعوا ويطيروا ...ثم سمعت صوته...كان الغراب الذي خمنت أنه كان يراقب تلك العصافير من فوق الشجرة فرأها تأكل من طعامه ووجد أحدها وقد أخذ جزءا كبيرا من الطعام وطار به فقال لنفسه هذا إعتداء على أملاكي وتذكر حكاية جده مع الثعلب ورفض أن تضحك عليه شوية عصافير كما ضحك علي جده الثعلب المكار من قبل فطار وهبط على السور ليطرد المعتدين ويؤكد ملكيته للسور بما عليه من طعام .... أخذت أضحك من أعماق قلبي وأردد الدعاء (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار)

السبت، ٢٥ أكتوبر ٢٠٠٨

على هامش " أحلى الأوقات"

وسام سليمان هي كاتبة سيناريو وخريجة معهد السينما قسم سيناريو وحاليا زوجة المخرج محمد خان وقد كتبت فيلمين من أحب الأفلام إلى قلبي هما "أحلى الأوقات" و " في شقة مصر الجديدة" ...
عندما بدأت التخطيط للكتابة عن "أحلى الأوقات" أصابتني الدهشة ، فقد اكتشفت لأول مرة أن الخط الأساسي للفيلم هو نفسه أحد الخطوط الأساسية في روايتي البيت الخشبي ...وعلى الرغم من أني رأيت الفيلم أكثر من مرة وعلى الرغم من أني بدأت كتابة روايتي منذ زمن بعيد وأعرف جيدا تفاصيلها وأبعادها إلا أني لم ألاحظ هذه الملاحظة سوى الآن فقط...فالفيلم هو رحلة بحث عن الذات...عن الأهل ومعاني الأمان والحماية والحب ..وكذلك الخط الدرامي في روايتي وإن أختلفت التفاصيل...فالبطلة في الفيلم ماتت أمها وفقدت بموتها معاني الحب والإهتمام والرعاية والأمان وبدأت تشعر بالوحدة واليتم ثم تصلها رسائل وهدايا لا تدري من يرسلها لها فتفتش في دفاترها القديمة لعلها تصل لخيط يعيد تلك المعاني لحياتها فتعود لتلتقي بصديقات الطفولة والدراسة وتكمل بحثها لتصل لوالدها وأثناء الرحلة تكتشف مفردات عن ذاتها وعن أشخاص وأشياء حولها وبداخلها لم تكن تراها أو تدركها من قبل فقد عاشت عمرها منطوية قليلة الإحتكاك بالعالم الخارجي من حولها غير إجتماعية ولا تعطي الأخرين دون أمها فرصة للإقتراب من عالمها ولا تعطي نفسها فرصة لدخول عالمهم...ثم تكتشف في نهاية الرحلة أن أقرب الناس منها هم أولئك الذين تصورت أنهم أبعد الناس عنها وكانت تضع بينها وبينهم حائط وحاجز وأسوار من أفكار خاصة بها لم تسمح لنفسها بالتأكد من صحتها قبل ذلك....زوج أمها وجارها بالإضافة لصديقاتها الذان عادت لهما بعد زمن طويل مر نسيت فيه صداقتهما وتلك العلاقة القوية التي ربطتها معهما في وقت مضى.......الفيلم هو رحلة بحث خرجت فيه البطلة في النهاية بكنز من الحب والتفاهم والصداقة والمشاعر الحقيقية القوية وخرجت فيه من شرنقتها للحياة تتنفسها وتحياها.....وهذا أيضا يذكرني بتلك الرحلة التي قام بها سانتياجو في رواية ساحر الصحراء لبولو كويليو عندما خرج في رحلة طويلة للبحث عن كنز مدفون وانتهت الرحلة بحصوله على كنز أثمن من التجارب والبشر والحب ومن تغلبه على نقاط الضعف والسلبية في نفسه...
فيلم"أحلى الأوقات" أحببته من أول لحظة والسبب روعة النص ومتانته ومنطقيته وترابطه وقوته وحساسيته وتلك الرسالة والمعنى الحقيقي المتواجد بين طياته....إنه فيلم رقيق ولكنه قوي وجبار ...إنه أحد الأفلام القلائل التي تنتمي للسينما بمعناها الحقيقي في هذا الزمن الذي نحياه

الجمعة، ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٨

على هامش"أنت عمري"

أقصد هنا الفيلم وليست الأغنية......هذا الفيلم أحبه جدا.....وهذا الحب له أسباب....ولكن يجب أن أعترف أنه كان حبا من النظرة الأولى وكلما رأيت الفيلم مرارا وتكرارا يتعمق هذا الحب ويزيد ويتأكد وهذا ربما كان سببا مهما من أسباب حبي للفيلم...فهو ليس فيلم مسلوق أو مقلوب ...إنه عمل قد تم إنضاجه على نار هادئة جدا...على الأقل أثق أن القصة والسيناريو تم إنضاجهم على نار هادئة فخرج إبداع متماسك واقعي منطقي رومانسي جميل قلما أشعر به وأنا أتابع أفلام الجيل الجديد من صناع السينما والذي بدأ من أيام فيلم" إسماعيلية رايح جاي" وأحنا طالعين حتى اليوم .. عندما عرض هذا الفيلم في عام 2004 واستقبله الناس وكنت واحدة منهم فوجئت بحالة من النقاش والحوار حوله في كل الأوساط التي حضرت فيها...وربما هذا سبب آخر يؤكد أنه لم يكن فيلما مسلوقا ولا مقلوبا ....لقد حرك عقل الناس وربما أن حكايته ليست سياسية ولا رمزية ولا تجريدية ولا تكعيبية ...ربما هي حكاية إجتماعية رومانسية درامية وليس إلا ولكنها حقيقية جدا ولذلك حدث ذلك الجدل بين من يوافق ومن يعترض...من يرى أن البطل "هاني سلامة" مخطأ وخائن وعلى فكرة هذا لم يكن رأي الفتيات فقط بل رأي بعض الرجال أيضا الذين لأستغرابي الشديد كانوا متحاملين جدا عليه ويرون أن ما حدث من موقفه في الفيلم لم يكن به أي منطقية عندما قرر أن يترك زوجته وأم أبنه ويذهب بعيدا ليعاني من آلامه بمفرده ثم قرر أن يشارك آخرى في تجربته دون زوجته الحبيبة وهم يرون في ذلك خيانة وخط غير مبرر في أحداث الفيلم ويرون أنه كان من المنطقي أن يخبر زوجته من البداية لتخوض معه التجربة حتى تمر... وهنا نأتي لسبب حبي الحقيقي للفيلم....فبرغم إعتراضات من أعترضوا وبرغم أني لي رأي مختلف...فإن النص المكتوب كان مبدعا بحق ومتكاملا عندما شرّح كل شخصية من شخصيات الفيلم وقدمها لنا كاملة الملامح واضحة المعالم ....الزوجة" منة شلبي" هذه المرأة التي تتسم بكثير من الرقة والضعف والتي لا تتحمل أي مسئولية في حياتها سوى البقاء في البيت لتعد لزوجها الطعام وتستقبله وتهيء له أسباب الراحة والسعادة....هي لا تتحمل مسئولية أي مهمة أخرى في حياتهما من أول شراء الإحتياجات المنزلية من السوبر ماركت ودفع الفواتير وتوصيل أبنهما للمدرسة وحتى مجرد أن تحكي له قصة قبل النوم...تركت هذه المهمة أيضا لزوجها الذي ظهر وهو يقوم بكل المسئوليات الصغيرة والكبيرة...التافهة والعظيمة ...ورغم ذلك هما زوجان سعيدان ولا مشاكل وقد نظما حياتهما بهذا الشكل ومافيش قلق ولا خلافات....هذا جميل جدا ورائع ويا ريت كل البيوت بمثل هذه الصورة السعيدة وياريت كل الأزواج مثل ذلك الرجل الذي يتحمل كل الأعباء ويترك زوجته متفرغة لشيء واحد فقط...له...ولكن.....وآه من هذه الكلمة التي تحمل دائما معنى يأتي خلفها مسرعا ليعكس كل الصورة التي سبقت ويغايرها....نعم ولكن عندما تمر تلك الحياة التي تسير بهدوء وإطمئنان لهزة قوية مثل ذلك المرض الخطير الذي اكتشف الزوج أنه يحمله ، ماذا سيحدث؟ حسب الرسم والتشريح الدقيق والتفصيلي لشخصية الزوج والزوجة والذي وضعه لنا المؤلف وصوره بشكل صادق وبسيط وغير مفتعل فالمنطق يقول أن تفكير الزوج سيقفز سريعا لعدم قدرته على مصارحة زوجته بهذا الأمر على الإطلاق...والسبب بسيط لا علاقة له بالخيانه- فهو لم يكن قد تعرف بعد على الآخرى ليقرر الخيانة من عدمها- السبب ببساطة أن أي شخص يمر بتلك التجربة المؤلمة والصادمة من اكتشاف مرض خطير قد يذهب بحياته فإنه عندها يكون ضعيف يحتاج لمن يسنده في ضعفه ويرفعه من ذلك الضعف ويمسك بيده بقوة ليعبر به الى شاطيء القوة والتحدي والصمود والحرب ضد المرض حتى ينتصر عليه....وهذه الشخص يجب أن يكون أساسا شخصا قويا قادرا على المواجهة والتصدي والتحدي حتى يتمكن من بث ذلك الشعور للمريض الضعيف الذي يحتاجه...ففاقد الشيء لا يعطيه...والزوجة في هذا الموقف كانت فاقدة للشيء...هي بشخصيتها وتكوينها لن تكون ذلك الشخص الذي يمكن أن يعتمد عليه الزوج المريض لينهض من عثرته....وهو كان يعلم ذلك...بالإضافة أنه لم يكن يريد أن يسبب لها ألما... هو يفهم أبعاد شخصية زوجته...ترى لو كان إختار الطريق الذي نادى به الرافضين لتصرفه ممن شاهدوا الفيلم وأخبر زوجته من البداية،ترى ماذا سيكون الوضع؟....اتخيل أنها كانت ستنهار بجواره وبدلا من أن تتحرك به نحو حافة الأمل والشفاء كانت ستتحرك به نحو حافة الموت......هذه هي الحقيقة التي ربما يهاجمني الكثير بسببها ولكنها الحقيقية المنطقية التي استندت على تحليل شخصية الزوجة ....هذه الزوجة التي عندما قرر زوجها السفر وتركها لأول مرة لوحدها تواجه الحياة لمدة شهر أخذها من يدها ومر بها على أقسام السوبر ماركت ليعلمها كيف وماذا تشتري ، هل كانت تلك الزوجة قادرة على التعامل مع موقف خطير كالذي مر به زوجها ....أنا لا أهاجم الزوجة ولا أبرر للزوج ولكن لنكن واقعيين ففي حياتنا هذه النماذج....ولو كنت في مكان الزوج ماكنت سأخبر هذه الزوجة لأن إخبارها لم يكن ليفيد بشئ...وأعتقد أنها لو كانت على العكس ماتردد الزوج في إخبارها ومشاركتها في حمله الثقيل فالفطرة التي فطرنا الله عليها تجعل الزوج والزوجة أقرب مخلوقات في الكون لبعضهما بالعشرة والتجارب المشتركة والحياة التي جمعت ووحدت ...ولكن عندما يقرر أحدهما البعد عن الآخر بمشاكله فلا بد أن هناك سبب وفي هذه الحالة هذا هو السبب : ضعف الزوجة وعدم قدرتها على تحمل المسئولية والتعامل بحكمة وشجاعة مع الأمور المعقدة. نأتي للزوج"هاني سلامة" وإبداع آخر من المؤلف عندما رسم وفصّل وشرّح هذه الشخصية هي الآخرى... فهذا الرجل وعلى الرغم من أنه زوج مسئول ومتحمل لكل مسئوليات البيت والحياة فهو رغم ذلك ذو تكوين شخصي ضعيف ومستسلم ومنهزم أمام الأزمات التي تمثل مسألة حياة أو موت كذلك المرض الذي أكتشف أنه مصاب به... لقد قرر أن زوجته ليست الشخص الذي يمكن أن يسانده ولم يرد أن يسبب لمن حوله ألما فقرر أن يبتعد...وتصورت أنه ابتعد ليبحث عن علاج ويعتمد على نفسه حتى ينهض من أزمته ولكني فوجئت به قد ترك كل شيء خلفه وابتعد ليستسلم للمرض ويموت وحيدا على فراشه...ابتعد لينتظر الموت لا ليحاربه ويواجهه....رد فعل مستسلم ومتخاذل ، لم يفكر في محاولة إستعادة حياته من جديد على الأقل من أجل أبنه الذي لم يقدم له إلا شرائط سجلها بصوته قبل هروبه الكبير- قال آيه ليظل معه طوال مراحل عمره المختلفة ولا يتركه-.. ثم نأتي للشخصية الثالثه في الفيلم " شمس" أو"نيللي كريم" ...ولست أدري هل غختيار شمس كان مقصودا به معنى رمزي أم إنه مجرد اسم جاء على بال المؤلف..وإن كنت أرجح الإحتمال الأول لأن هذا المؤلف أثبت أنه ليس عشوائيا في كتابته.... "شمس" هي نقطة الإيجابية والقوة في الفيلم...تحمل نفس المرض ولكنها قوية متحدية شجاعة...تتعامل مع الموقف بإيجابية ولا تسمح لفشل قصة حبها مع زميلها في فرقة البالية بأن يؤثر عليها سلبا بل تتحدى نفسها وتضع لنفسها هدفا تسعى له بقوة...يجب أن تشفى حتى تتمكن من مشاركة فرقة بالية عالمية في أحد عروضها الهامة... ثم تأتي اللحظة التي يتعرفا فيها على بعضهما وتقرر شمس أن تقنع " يوسف " بالعلاج...وهنا يجد يوسف ما كان يحتاجه في تلك الفترة الصعبة...وجد ماكان يفتقده عند كل من حوله ومن بينهم زوجته وابنه...وجد القوة التي يستطيع الإعتماد عليها ليرفع نفسه من ضعفها واستسلامها وليتقدم نحو خطوة العلاج وهو معتمد على تشجيعها ووقوفها بجانبه وصلابتها وشجاعتها...السبب في تحرك يوسف نحو شمس هو سبب لا إرادي من عمل عقله الباطن ومشاعره الخفية الداخلية...لقد انجذب نحوها لأنها تشع بكل ما يفتقده هو في حياته وبداخل نفسه...اعتمد عليها ليحيا وكانت هي سبب تقدمه في العلاج ...ولكن بالنسبة لها كان الأمر مختلفا...هي قوية بذاتها عنيدة ومتحدية...هي تستطيع الإعتماد على نفسها ولا تحتاج لمساعدة نفسية منه أو من غيره...هي تستطيع عبور الأزمة بمفردها لأنها تملك المقومات لذلك ..ولكنها رغم كل ذلك أحبته...ربما لأنها وجدت فيه صدقا لم تجده في صديقها السابق وربما لأنها شعرت باحتياجه لها وربما لأن هذا كان قدرها الذي لم تستطع الهرب منه ...وربما أي سبب آخر.. المهم تستمر الأحداث حتى تكتشف الزوجة كل شيء وينفصل المريضان عن بعضهما ثم بعد تضحية من الزوجة التي تلاحظ تدهور حالة زوجها الصحية فتقرر أن تسمح له بالعودة لحبيبته...نأتي بعد هذا للنهاية حين تحقق شمس حلمها بالرقص مع الفرقة العالمية ثم تقرر بعدها أنها لن تكون أقل شجاعة وتضحية من زوجة يوسف فتخبره أن يعود لزوجته وتنهي كل شيء بينهما... ولأن هناك فارق كبير بين شخصية يوسف وشخصية شمس...فعلى الرغم من أنهما يحملان نفس المرض ويستقبلان نفس العلاج فقد تمكنت شمس من الحياة ومات يوسف.....هي عاشت لأنها تملك مقومات الحياة بعيدا عنه وهو مات لأنه كان يعتمد عليها ليحيا... نهاية منطقية من وجهة نظري حسب ذلك التشريح النفسي الفريد الذي قدمه المؤلف د\ محمد رفعت لكل شخصية. دور هاني سلامة في الفيلم جعلني لأول مرة أحبه كممثل وأول مرة أصدقه وأتعاطف معه...طبعا منة شلبي والرائعة نيللي كريم ...لا تعليق على الأداء...فقط هناك ملحوظة صغيرة فأنا أعتقد أن شخصية شمس بها الكثير من شخصية نيللي كريم وهذه الفتاة عندما رأيتها لأول مرة في فوازير رمضان في إحدى الأعوام لم تنزل لي من زور ولم يعجبني تمثيلها ولا أداءها على الإطلاق ولكنها أثبتت بمرور الوقت أن بداخلها فنانه متميزة وصادقة... وطبعا إخراج خالد يوسف ...وربما هذا هو أحب أفلامه لنفسي على كل المستويات... في النهاية ...من أسباب حبي لهذا الفيلم أيضا كانت أغانيه الرائعة أتذكرها في النهاية: "هيه الحياة كده ليه بقى ليها لون تاني...بقى ليها طعم جديد ولا كان على بالي..." " مركب ورق في البحر ..والبحر قلبه كبير- مركب ورق قلبي ...بتعاند المجادير(المقادير)- وموج ياخدها لفوق ....وموج يطوحها- شطوط بتحضنها....وشطوط بتجرحها- والبحر بجلاله...كبير مابيسعهاش- مركب ورق قلبي....آوان فرحها ماجاش "

في بيتنا يمام(سيرة ذاتية عن يميم ويميومة)

يميم ويميومة هما زوج من اليمام...يميم هو الذكر ويميومة بالطبع هي الأنثى..ليسا شخصيات خيالية بل هما نماذج حقيقية على أرض الواقع ...اختارا معملي وقررا في أوائل شهر مايو الماضي أن يستخدما مكان التكييف القديم المخلوع ليقيما فيه عشهما...تنبهت لوجودهما صدفة بعد أن مرت أيام كنت اسمع فيها صوت يميم العميق يتردد وأشعر أن هذا الصوت يأتي من مكان قريب جدا ولكني لا أستطيع تحديده...تخيلت في البداية أن الصوت يصدر من خارج المعمل حتى فوجئت يوما وأنا أنظر خلف الثلاجة بجسد الطائر يقف في الخارج على السور مكان التكييف الذي رفعناه للتصليح...بدأت استكشف الموضوع فوجدتهما قد اقاما عشهما على السور الضيق في ذلك المكان المختفي المنعزل البعيد عن حرارة الشمس...بدأت أتابعهما وقد ظلا في هذا المكان حتى نهاية منتصف شهر أغسطس ووضعا في هذه الفترة مرتين وأخرجا للعالم جيلين من اليمام الصغير...ثم تركوا المكان بعد حادث مؤسف... لن أتعجل الأحداث وأصل للنهاية سريعا...سأبدأ من البداية وأحكي كيف شاهدت هذان الطائران يعيشان ويتصرفان وما خرجت به من دروس وحكم لم أكن على دراية مسبقا أن لها مكان في عالم الطيور...والغريب أن كثيرا منها نفتقده في عالم الإنسان... يبدأ اليمام باختيار مكان العش واعتقد وإن كنت لا استطيع أن أجزم بأن الذكر هو من يحدد هذا المكان ويختاره ثم يأتي بالأنثى التي تجلس فيه ويظل هو متنقلا جيئة وذهابا يحمل لها الأعواد الجافة والأغصان الرفيعة والقش ...يحمله في منقاره ويأتي به إليها فتأخذه بمنقارها وتبدأ في ممارسة دورها في هذه المرحلة وهو توضيب العش الصغير وترتيب الغصون والأعواد وتعشيقها في بعضها البعض في شكل دائري حلزوني بديع وفريد من الخارج للداخل...تبقى يميومة في المكان لا تغادره ...كلما نظرت أجدها موجودة ولا أدري كيف تأكل وتشرب ...هل هو من يأتي لها بالطعام أم أنها تطير للحصول على بعضه في أوقات غير تلك التي يسمح بها وقتي في المعمل بمتابعتها؟ لاأدري..بينما يظل يميم على حاله جيئة وذهابا يحمل الأعواد والأغصان يعطيها لها ويرحل ويظل هذا هو الوضع حتى إكتمال بناء العش.. وهنا كانت أول ملاحظة لاحظتها في عالم هذان الطائران ...ملاحظة تدل على الفطرة التي فطر الله المخلوقات عليها والتي يمارسها هذان الطائران دون تفكير أو وعي ...الرجل في عالم الفطرة هو المسئول عن تأمين مكان الزواج للأنثى بداية من اختياره وحتى بذل المجهود العملي والفعلي والأكثر مشقة لتأثيثه وتوفير كل ما يتطلبه هذا البيت ليصبح جاهزا للزواج وهو الذي يعمل خارج البيت ويعتبر هذا دوره الأساسي. أما الأنثى فكل ما يتطلبه دورها في تلك المرحلة أن تشارك بذوقها وحسها الفني في توضيب وترتيب البيت وكل مجهودها يكون داخل البيت وليس خارجه... بعد أن يكتمل بناء العش ترقد الزوجة وتظل قابعة في العش أوقاتا طويلة ويأتي الزوج كل فترة ليراها ويتحدث معها ثم يطير من جديد...ولا أدري هل يأتي لها بطعام في منقاره لتأكل أم تطير هي سريعا للبحث عن الطعام وتعود...ولكني لم أرها في تلك المرحلة تطير إلا نادرا جدا هذا إن حدث... يبقى الوضع هكذا حتى تضع البيضة الأولى وبعدها بيوم تضع الثانية وهنا تبدأ مرحلة جديدة...تتناوب هي والزوج دوريات الرقود على البيضتين..هي ترقد عليهما ثم يأتي الزوج ليحل محلها وتطير هي للطعام والشراب ثم تأتي فيذهب هو وهكذا...وكانت هنا ثاني ملاحظة لاحظتها ألا وهي تلك المشاركة والتعاون الجميل بين الزوجين وتبادل الأدوار بينهما...لا توجد معاني من الأنانية أو السلبية.أو الإتكالية..هما معا يعملان على هدف واحد..رعاية الصغار قبل وبعد خروجهما للحياة.....وهذه الملحوظة تأكدت منها في كل المراحل التالية حيث لاحظت أن الزوج لا يتوقف دوره عند إحضار مستلزمات المنزل والعمل خارجه فقط ولكنه يعمل بجوار الأنثى داخل العش منذ مرحلة وضع البيض ثم فقسه وحتى يطير الصغيران ...هما معا يتبادلان الرقود على البيض ويتبادلان المكوث مع الصغار في بداية المرحلة التي تلي خروجهما من البيض ويتبادلا إحضار الطعام لهما وإطعامهما ويتبادلا منح الصغيران كل الرعاية حتى يطيران ويصبحا مستقليين بحياتهما.. وقد لاحظت في خلال ذلك فرق مهم بين الذكر والأنثى..فالأنثى حينما تكون راقدة على البيض لا تطير وتتركه بسهولة إذا اقترب من العش أحد إلا إذا تأكدت أن هناك تهديد حقيقي هنا فقط تطير وتبقى على مقربة من المكان حتى تشعر بالأمان من جديد وتعود ...ولكن الذكر ماإن يلمح أي حركة أو يسمع أي صوت لا ينتظر..يطير على الفور في ذعر ولا يعود من جديد إلا إذا عادت أنثاه..وربما يشبه هذا المثل القائل (الزوجة تعشش والزوج يطفش)..ربما.. فسبحان الله الذي خلق غريزة الأمومة في تلك المخلوقات وجعلها تتصرف تبعا لها بدون أي وازع لعقل تفتقد إليه أصلا...فهي لا تتحرك ولا تتصرف إلا بالفطرة والغريزة وحدها وهذا يثبت أن الأم هي أم حتى من قبل أن تنجب ولكن الأب لا يكون أبا إلا بعد أن يأتي الطفل كائنا حيا ملموسا في هذا العالم... لن أعلق أو أعقد مقارنة بين هذا العالم وعالمنا نحن بني البشر ...لو علقت لن تكون النتيجة لصالح الإنسان الذي ميزه الله بالعقل على سائر مخلوقاته ....لقد بدأت أظن بعد متابعة هذه المخلوقات أن العقل الذي نحمله قد شوه الفطرة أو أن العقل في صراع مع الفطرة والغريزه أيهما ينتصر..وسبحان الله الذي يهدي الإنسان لأوقات يكون فيها العقل هو الذي يجب أن يغلب الفطرة ة والغريزة وأوقاتا أخرى تكون فيها الفطرة هي الغالبة...وسبحان الله الذي يمنح الإنسان الحكمة ليميز بين هذه الأوقات وتلك فيتصرف وينفعل ويفعل بشكل يتناسب مع الأمر والحدث...وسبحان الله في بني آدميين يفعلون العكس تماما...يملكون نعمة العقل ولكنهم لا يجيدون إستخدامها فيشقوا بها ويضيعوا حس الفطرة الذي وضعه الله بداخلهم...أو أن هناك أسباب أخرى معقدة مثل العيش والعيشة واللي عيشنها...العولمة والدش ..الحالة الإقتصادية والدمار الإقتصادي الذي ألم بكل دول العالم حتى أمريكا التي لا تقهر...قهرتها الهزة الإقتصادية وزلزلت بورصتها...ربما هذه الأسباب الأخرى المعقدة والمتداخلة هي من هزمت الفطرة بداخلنا وشوهت الكثير من المعالم التي يجب أن تكون في عالم الرجل والمرأة حين يتقابلان لصنع بيت وأسرة وأطفال ... المهم نرجع ليميم ويميومة تاني...بعد اسبوعين كاملين من ميعاد وضع البيض تفقس البيضتان ويخرج طائران صغيران لهما رأسان كبيران جدا وعيون تحتل مساحة كبيرة من الرأس ونموهما يكون ناقصا لحد ما فالهيكل العظمي لهما رخو جدا فلا يتمكنا من رفع رقبتهما بشكل كامل وسليم ولا يتمكنا من الوقوف على قدميهما ودائما نائمين إما في وضع متجاور أو يجلس كل منهما عكس الآخر وفي هذه المرحلة يقل تواجد الأم في العش نسبيا فهي تتبادل مع زوجها البحث عن الطعام من أجل إطعام الصغيرين الذين يتناولان الطعام بإدخال منقاريهما في منقار الأم أو الأب. بعد يومين يشتد عود الصغار قليلا فيتمكنا من الوقوف والتحرك في العش قليلا وكلما مرت الأيام يكبران سريعا حتى يصبحان في نهاية الأسبوع الأول وقد صارا على مشارف مرحلة النضوج وكسى الريش معظم جسديهما وصارا أقوى..وغالبا يفوق أحدهما الآخر في القوة الجسدية وعندما يحين وقت الطعام يتشاجران معا من يصل لمنقار الأم أولا وطبعا يكون للقوي الغلبة في كثير من الأحيان... نبدأ في سماع صوت زقزقتهما التي تشبه في تلك المرحلة صوت كتاكيت الدجاج وفي هذه المرحلة يقل كثيرا وجود الأم في العش فهي لا تأتي إلا على فترات مع الأب ليطعما الصغار ثم يطيران سريعا... في نهاية الأسبوع الثاني يكون قد اقترب موعد طيران الصغيران وتركهما للعش.. قد أصبحا الآن نسخة مصغرة من الأم والأب وإن كان الزيل صغيرا والريش لم يكتمل تماما ولكن لهما جناحان يضربان بهما الهواء في تدريب على المرحلة المقبلة وهي الطيران...وفي هذه المرحلة التي تسبق الطيران مباشرة يترك الصغيران العش ولا يمكثان فيه كما كانا يفعلان من قبل بل يجلسان خارجه على السور ويتجولان جيئة وذهابا ويزقزقان عند اقتراب الأم والأب حاملين الطعام في مناقيرهما..ويظل الأب والأم يأتون للعش مادام الصغار فيه ويطعمونهما حتى يأتي وقت يطير فيه الصغار وعندما يأتي الأب والأم ولا يجدونهما يتوقفا عن المجئ لفترة قد تصل لثلاثة أسابيع ثم يأتون من جديد لوضع جيل جديد من الصغار وتعود الكرة من جديد... خلال تلك الحياة حدث لذلك الزوج حادثان أليمان أولهما كنت أنا السبب فيه والآخر كان من مجهول.. الأول كان مع الجيل الثاني فبعد أن وضعت الأم البيضتان كنت أنظر لهما وأقوم بتصويرهما فتسببت بدون قصد في كسر أحدهما..وهكذا حرمت الزوجين من أحد أبناءهما وأشعرني هذا بذنب عظيم.. والحدث الثاني كان بعد أن طار ابنهما من الجيل الثاني وبعد أن بدءا يترددان على المكان ليضعوا بيضا جديدا..يبدو أن أحد العاملين في المكان رءاهما وأمسك بيميم...عرفت ذلك عندما جئت في اليوم التالي ووجدت ريشا متناثرا في المكان وعلى السلالم ورأيت الزوجة تأتي وحيدة لتتناول الحب الذي أضعه لها... ولكن لم تمضي أيام حتى وجدت لنفسها وليفا ولكنهما لم يعيشا في نفس العش..يبدو أنهما صنعا واحدا آخر في مكان آخر وهذا ما جعلني أعتقد أن الزوج هو المسئول عن اختيار المكان أو تكون الزوجة قد تشاءمت من المكان فقاموا بتغييره...لا أدري.. المهم أني ماعدت أراهما بعد ذلك وكان هذا في منتصف أغسطس الماضي تقريبا ...أضع لهما الحب على السور وبعد يومين أجده قد أختفى فأفهم أنهما قد جاءا لتناول الطعام ثم ذهبا ولكني ما عدت أراهما... اشتقت إليهما كثيرا....في العشر الوسطى من رمضان الماضي اكتشفت عش آخر في مواجهة بلكونة حجرة نومي ...اكتشفته من زقزقة الصغير الذي بدا أنه قد شارف على الطيران وترك العش...وبعدها بيومين وعندما كنت أفتح البلكونة صباحا وجدت الصغير وقد طار وهبط على سور البلكونة ووقف هناك ينظر لي ...شعرت بسعادة لا حد لها ووقفت أنظر له ووضعت له بعض الحب ...عندما حاولت الإقتراب منه لم يهرب سريعا ظل واقفا حتى أصبحت على مسافة قريبة جدا ثم طار ...في اليوم التالي كان الحب قد أختفى ففهمت أنه عاد وأكله.... من يومها وأنا ألمح طيور اليمام في كل مكان أسير فيه وأسمع صوتهم العميق وخاصة في الصباح الباكر...أشعر بها تحيط بي وتونسني ....فقط أتمنى أن يعيش زوج آخر بالقرب مني من جديد...
الصورة الأولى على الشمال هي اليمامة التي وجدتها في بلكونة حجرتي والصورتان الأخريتان في المعمل أحدهما للبيضة التي تبقت بعد أن كسرت أختها خطأ( الجيل الثاني) والأخرى ليميومة تجلس على بيضتها
أما الفيديو للصغير يأكل من منقار أمه

الثلاثاء، ٢١ أكتوبر ٢٠٠٨

تنويه عن المدونة

لكل من شرفني أو سيشرفني بالدخول على هذه المدونه....هذه مدونة لأفكاري وخواطري ولكل ما كتبته حتى الآن من قصص قصيرة بالإضافة للمحاولة الأولى لي في كتابة القصة الطويلة أو الرواية....وهي رواية( البيت الخشبي)....وبالنسبة لتلك الرواية فقد بدأتها منذ عام الفين وثلاثة وكلما انهيت كتابتها وتركتها عدت لها بعد فترة فاقرأها من جديد وأجد نفسي غير راضية عن ما كتبت فأعيد كتابتها من جديد... وهكذا طوال تلك السنوات الخمس التي قد توقفت خلالها عن الكتابة فترة ثم عدت أخيرا لأضع اللمسات الأخيرة على الرواية وقد قدمتهاعلى هذا المدونة في شكلها النهائي الذي انتهيت من كتابته في التاسع عشر من الشهر الجاري...أرجو أن تعجبكم ...
طبعا عند نشر الرواية - وهي مقسمة على واحد وعشرين جزءا- ولطبيعة المدونة في النشر ، فسوف تجدون أحدث جزء هو النهاية والبداية في الرسائل الأقدم...وهناك خطأ مطبعي حدث يجب التنويه عنه فقد نشرت الجزء الرابع عشر قبل الثالث عشر (خلوا بالكم..)
يارب يعجبكم ما أكتب وأعرف رأيكم فيه بصدق..

 
template by suckmylolly.com flower brushes by gvalkyrie.deviantart.com