السبت، ٢٥ أكتوبر ٢٠٠٨

على هامش " أحلى الأوقات"

وسام سليمان هي كاتبة سيناريو وخريجة معهد السينما قسم سيناريو وحاليا زوجة المخرج محمد خان وقد كتبت فيلمين من أحب الأفلام إلى قلبي هما "أحلى الأوقات" و " في شقة مصر الجديدة" ...
عندما بدأت التخطيط للكتابة عن "أحلى الأوقات" أصابتني الدهشة ، فقد اكتشفت لأول مرة أن الخط الأساسي للفيلم هو نفسه أحد الخطوط الأساسية في روايتي البيت الخشبي ...وعلى الرغم من أني رأيت الفيلم أكثر من مرة وعلى الرغم من أني بدأت كتابة روايتي منذ زمن بعيد وأعرف جيدا تفاصيلها وأبعادها إلا أني لم ألاحظ هذه الملاحظة سوى الآن فقط...فالفيلم هو رحلة بحث عن الذات...عن الأهل ومعاني الأمان والحماية والحب ..وكذلك الخط الدرامي في روايتي وإن أختلفت التفاصيل...فالبطلة في الفيلم ماتت أمها وفقدت بموتها معاني الحب والإهتمام والرعاية والأمان وبدأت تشعر بالوحدة واليتم ثم تصلها رسائل وهدايا لا تدري من يرسلها لها فتفتش في دفاترها القديمة لعلها تصل لخيط يعيد تلك المعاني لحياتها فتعود لتلتقي بصديقات الطفولة والدراسة وتكمل بحثها لتصل لوالدها وأثناء الرحلة تكتشف مفردات عن ذاتها وعن أشخاص وأشياء حولها وبداخلها لم تكن تراها أو تدركها من قبل فقد عاشت عمرها منطوية قليلة الإحتكاك بالعالم الخارجي من حولها غير إجتماعية ولا تعطي الأخرين دون أمها فرصة للإقتراب من عالمها ولا تعطي نفسها فرصة لدخول عالمهم...ثم تكتشف في نهاية الرحلة أن أقرب الناس منها هم أولئك الذين تصورت أنهم أبعد الناس عنها وكانت تضع بينها وبينهم حائط وحاجز وأسوار من أفكار خاصة بها لم تسمح لنفسها بالتأكد من صحتها قبل ذلك....زوج أمها وجارها بالإضافة لصديقاتها الذان عادت لهما بعد زمن طويل مر نسيت فيه صداقتهما وتلك العلاقة القوية التي ربطتها معهما في وقت مضى.......الفيلم هو رحلة بحث خرجت فيه البطلة في النهاية بكنز من الحب والتفاهم والصداقة والمشاعر الحقيقية القوية وخرجت فيه من شرنقتها للحياة تتنفسها وتحياها.....وهذا أيضا يذكرني بتلك الرحلة التي قام بها سانتياجو في رواية ساحر الصحراء لبولو كويليو عندما خرج في رحلة طويلة للبحث عن كنز مدفون وانتهت الرحلة بحصوله على كنز أثمن من التجارب والبشر والحب ومن تغلبه على نقاط الضعف والسلبية في نفسه...
فيلم"أحلى الأوقات" أحببته من أول لحظة والسبب روعة النص ومتانته ومنطقيته وترابطه وقوته وحساسيته وتلك الرسالة والمعنى الحقيقي المتواجد بين طياته....إنه فيلم رقيق ولكنه قوي وجبار ...إنه أحد الأفلام القلائل التي تنتمي للسينما بمعناها الحقيقي في هذا الزمن الذي نحياه

0 comments:

 
template by suckmylolly.com flower brushes by gvalkyrie.deviantart.com