السبت، ١٨ أكتوبر ٢٠٠٨

تابع(البيت الخشبي)

(16) دخلت الجدة فاطمة على الجد..... - هل ذهبت الفتاة؟ - لا لم تذهب بعد....ولا أريدها أن تذهب يا شيخ صابر - ماذا تقولين؟ - مكانها هنا معنا....أنت تعرف ذلك كما أعرفه...يجب أن نخبرها بالحقيقة....لقد جاءت تبحث عن الحقيقة وليست هي وحدها من تتسائل....لقد بدأ صخر أيضا يسأل وأنت تعرفه لن يرتاح حتى يعرف...وسيعرف...إن آجلا أو عاجلا سيعرف يا شيخ صابر... نظر لها الشيخ بصرامه وغضب هادر:
-تريدين أن نقول الحقيقة يا فاطمة....تريدين هدم كل شيء ...تريدين أن يعرف صخر....هل حقا تريدينه أن يعرف؟ -لن أستطيع أن أتخلى عنها كما تخليت عن أمها قديما يا شيخ .....سأقف معها وأساندها....سأخبرها.... - لا تفعلي يا فاطمة.. - بل سأفعل ....همت الجدة بالخروج من الخيمة ونهض الشيخ خلفها محاولا منعها...دخل صخر في تلك اللحظة تسمر الأثنان مكانهما....نظر صخر لجده مليا ثم نقل بصره لجدته - ماذا كنت ستقولين لها يا جدتي؟ همت الجدة بالكلام فصرخ الجد: فاطمة... نظر صخر نحو جده...تقدم منه في هدوء: مهرة أختي يا جدي....أليس كذلك؟ نظر الأثنان نحوه بدهشة هائلة........سالت دموع الجدة وتقاذف الخوف من عين الجد
--------------------------- كانت عالية تجلس مع مهرة الصامتة منذ خرجت من خيمة الجد.. - الن تنامي يا مهرة؟ - أريد أن أذهب للبيت.. - الوقت متأخر ..نذهب غدا صباحا.. نظرت لها مهرة في حزن عميق ومرارة: لا أقصد ذلك البيت الخشبي...أريد الذهاب لبيتي الحقيقي..هناك عند البحر.. نظرت لها عالية بإشفاق: هل تريدين تركنا هكذا سريعا بعد أن أحببناكي.. نظرت لها مهرة والدموع تسقط من عينها: لقد جئت أبحث عن أهلي فأضعت الشيء الوحيد الذي يمثل لي قيمة حقيقة في هذا العالم...ولم أجد ما كنت أبحث عنه...يا ليتني سمعت كلام أحمد.. شهقت وانتفضت من مكانها: أحمد....لقد نسيت...غدا ميعاد ندوته في العاصمة...يجب أن أذهب... خرجت مسرعة وعالية خلفها: أين ستذهبين؟ - سأبحث عن صخر يجب أن أعود الليلة بأي شكل... --------------------- في خيمة الجد جلس صخر يواجه جده الذي بدا عليه الشحوب وجدته التي إنغمست في دموعها الصامتة..كان صخر هادئا متماسكا ولكن عينه تحمل حزنا لا يستطيع إخفائه - كنت أسمع أبي يحكي لوالد عالية وأنا صغير عن أمي....لم أفهم كثيرا من الكلام وقتها ولكني فهمت أن أبي تزوج أمي ليصلح عارا جلبته هي على القبيلة.....أليس كذلك يا جدي... صرخت الجدة: لا يا ولدي......أمك لم تكن عارا.....لقد كانت متزوجة على سنة الله ورسوله... صرخ الجد: فاطمة.. نظرت له في تحد وقوة تعجب لها صخر: - لن أصمت الآن يجب أن يعرف الحقيقة.... أشاح الجد بوجهه وحولت هي نظرها إلى صخر وقد حل محل التحدي عطف وشفقة وحنان : - لقد تزوجت أمك قبل والدك من ذلك الغريب الذي سكن في ذلك البيت الخشبي....تقدم لخطبتها فرفض جدك لأنه ليس من رجال القبيلة....هربت معه وتزوجا ...بعث جدك خلفهما الرجال خطفوها وعادوا بها...كانت حامل..أخفاها جدك عن العيون وساوم زوجها على طلاقها مقابل الطفلة وإلا قتلها...بعد الطلاق زوجها لأبيك ..كان أبوك رجلا بحق حافظ عليها وأكرمها وكان رافضا لقسوة جدك معها وحاول كثيرا إقناع جدك أن ترى إبنتها ولكنه كان يرفض.....حتى حملت بك وماتت وهي تضعك... - هل تلك المرأة هي أمي.... حملق الجميع في مدخل الخيمة...كانت مهرة تقف في ذهول ووجهها باهت....وعالية تنقل نظرها بين الجميع غير مصدقة ما تسمع وجسدها يرتعش....صمت الجميع وتقدم منها صخر وعينه تحمل نظرات حنان وإشفاق.. - نعم يا مهرة....أمك....وأمي أنا أيضا... تنظر له مهرة محملقة في ذهول ..عالية ترتعش وتتجه حيث الجدة فاطمة ترتمي في حضنها مهرة تخرج من حالة الذهول..دموعها تنهمرفي هدوء..وجهها الشاحب يزداد شحوباً ..صوتها يخرج بصعوبة ممتليء بالألم وهي تحول نظرها للجد : لماذا؟ لماذا حدث هذا؟ ومن أجل ماذا؟ لا أستطيع أن أتخيل أي سبب في الدنيا يبرر ما فعلته بحياة أمي وأبي...بحياتي أنا..ماذنبي أنا؟...هل تستطيع أن تقول لي ماالذنب الذي أقترفته أنا لتعاقبني هكذا...تحرمني من أمي...وكنت تريد أن تحرمني من معرفة الحقيقة ومن معرفة أهلي للأبد.. لماذا؟ لماذا؟ يشيح الجد بنظره ويصمت.....مهرة تجري خارج المكان وصخر يصرخ خلفها : مهرة... ينطلق خلفها تاركا الصمت والدموع طائران يحلقان فوق الرؤوس ... انطلقت مهرة تجري نحو الصحراء في الظلام وهي تنتحب بصوت عال مسموع ..يلحق بها صخر ويمسك ذراعها تنهار بين يديه..يحملها ويعود بها وكيانه يرتعش من أجلها...ونظرات القلق والتوتر تتراقص في عينيه.. ---------------- - مهرة... يفيق من نومه في حجرته بمنزل أمه..مشاعره مضطربة متداخلة..إحساسه يحمل إنذاراً بالخطر... جاءت أمه على صوت صراخه..فتحت النور...وضعت يدها على كتفه ومسحت قطرات العرق على جبينه... - خير يا حبيبي... يتنبه للواقع من حوله...ينظر لأمه...يصمت..بداخله إحساس مخنوق... - ترى ماذا حدث؟!! سؤال يتردد في أعماقه .....يتمنى لو يراها الآن...يهمس في حنين قلق.. - مهرة.. تبتسم أمه في حنان وهي تضم رأسه لصدرها: ستراها غدا...يبدو أنك تحبها أكثر مما توقعت...كم أتشوق أن أراها.. قبلت جبينه وأطفات النور وتركته ليكمل نومه...ولكنه لم ينم... الإحساس المخنوق بداخله يحتل كيانه....ينظر لهاتفه... كان الفجر قد إقترب...: ربما هو مجرد كابوس....أكيد هي نائمة الآن....كما قالت أمي كلها ساعات وسأراها...نعم سأراها.... ولكن القلق مازال يزحف على صدره....... ----------------- تنقشع الظلمة...نور أبيض يأتي من مكان ما لا تدري مصدره... -أبي... يظهر أبوها من بعيد ماداً ذراعيه مبتسماً ...تنطلق نحوه سعيدة...ترمي بنفسها بين ذراعيه ... - أبي....أحتاج إليك...لا تتركني يا أبي...

0 comments:

 
template by suckmylolly.com flower brushes by gvalkyrie.deviantart.com