(8)
مضت شهور........وفي هذا اليوم أخذها أحمد من يدها وسار بها مخترقاً الجموع الغفيرة وسط الرجال اللذين يرتدون الأبيض والأخضر والعمائم الملفوفة والأهازيج المنطلقة من الحناجر تترنم بآيات الله وقدراته..... كان إحتفالاً بمولد أحد الأولياء الصالحين وكانت رائحة البخور تنتشر في الأنحاء المزدحمة وصوت الدفوف تقرع فتصم الآذان.....
تنادي عليه فلا يسمعها شدته من قميصه فالتفت لها.....
- أشعر بالأختناق ....دوارفي رأسي....
لا يسمعها .....يصيح بها وهو يقترب منها: ماذا تقولين.....
ولم تستطع أن تعيد كلماتها فقد سقطت مغشياً عليها بين يديه.....
أفاقت على رشات ماء بارد ...كان وجهه المبتسم أول من طالعها،عيناه تحمل القلق كله وهو يمسح على وجهها وشعرها بالماء .....
- أين أنا؟!!!
- في قهوة كحكو..
لم تتمالك نفسها من الضحك وهي تعتدل في جلستها: قهوة من؟؟؟؟؟من الذي كح؟
ضحك هو الآخر في صفاء ومرح وقد إطمأن لسلامتها .....
- لم أكن أدري أنك ستتعبين بهذه السرعة.....
- وأنا لم أكن أدري أنك مجنون لهذه الدرجة....
- أنا مجنون.....لماذا؟
- لأنك أتيت بنا لهنا ، لم أتصور أن هذه فكرتك عن المواعيد الغرامية وخاصة أنك قلت أن هناك مفاجأة
قام واقفا ومد لها يده:أنا لم أقل أن هذا موعد غرامي...أنت أخطأتي فهمي..
ظهرت الدهشة والحيرة على وجهها وترددت أن تمسك يده ... مال نحوها بجزعه وأقترب من وجهها بوجهه وقال مبتسما : ولكن هناك مفاجأة فعلا...
أعتدل ومد يده من جديد لها ... أمسكت يده ونهضت وسارت بجواره
- لماذا جئت بي هنا....
- ربما وجدت ما تبحثين عنه هنا....
- ماذا تقصد....
- شيخ بدوي من الصحراء ......ربما يعرف شيئاً عن المكان الذي كان يعيش فيه والدك حيث ألتقى بأمك.
- وكيف عثرت عليه؟
- قلادتك الثمينة ، عرضتها على تاجر خبير فأخبرني أنها فريدة في صنعتها ودلني على هذا الشيخ البدوي فقد شاهد عنده ما يشبهها من جواهر قادمة من الصحراء.
- لم أخبرك من قبل ..... والدي عاش سنين في الصحراء وكان له بيت بالقرب من أحد الواحات...
- حقاً !!!!
- نعم، أخبرني عمك بذلك ولكن لا أعلم أي تفاصيل أخرى....
ابتسم وهو يضغط على يدها مطمأناً : ربما يساعدنا الشيخ البدوي .......
-----------------------
وقف يودعها.....
- سوف أتصل بك عندما أصل.....
ابتسم في حنان وهو يمسح على شعرها بيده: لا تشغلي نفسك بأمري فقط ركزي في الغرض من رحلتك ....وإذا إستطعت عودي سريعاً .
- لماذا لا تأتي معي؟؟
- ألست معك؟
ابتسمت....
بادلها الإبتسام وقال في شيء من الجدية: هذا الأمر ينبغي أن تقومي به بمفردك ولكن لو إحتجت إلي في أي لحظة ستجدينني هناك.....
- سأعود ولكن هل تعدني بشيء؟
- أي شيء....
- عندما أعود أريد أن أتعرف على والدتك .....تعدني؟
صمت.....لم تلح عليه في السؤال...
- هناك شيء آخر.....دادة خديجة ....
- لا تقلقي عليها....
وقف يلوح لها وبداخله يتردد دعاء ...
0 comments:
إرسال تعليق